بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
بينما أتصحف أحدى الصحف الأسبوعية وجدت إهتماماً يثير الخواطر والبصائر , بالمسلسل التركي : نور الذي يشاهده ملايين المشاهدين في العالم العربي وهو مدبلج إلى اللغة العربية باللهجة السورية وقد حقق نجاحا باهراً حتى بت اشعر وكأن نور أصبحت قضية إعلامية في قمة الأهمية فيتسابق في نقل أخبارها الإعلاميون كما لو كانت قضية فلسطين .. تلك الصحيفة التي أدهشتني , أنها لم تبالي في نشر خبر تروى فيه حكاية احد الأشخاص الذين وُلِعُوا بمسلسل نور , فجعل يسمى إسم العجل الذي ولد في مزعتِهِ مُهند وأشار ذلك الشخص للمراسل انه اذا ما وُلِدت عندهم انثى فسيطلقون عليها إسم نور . وحقيقٌ ان خبر كهذا يُشكل قمة في تمثيل السُخف والإستهار الإعلامي بعقول الأحرار من العرب والمسلمين .
اكتفيت بالوقوف حائرا مُندهشا وقوفاً لم يلبث سوى هُنيهاتٍ , وأكملت تصفحي حتى وجدت خبرا أخر يحوي حكاية عن عائلة من إحدى المدن , تعرضت لهجومٍ من قبل أفعى دخلت بيتهم بينما كانوا مجتمعين حول مسلسل نور , وفي هذا المقال لم أجد إلا أن أتفكر قليلا بما أراد الكاتب من القارئ , فهل أراد الترويج لمسلسل نور , ام اراد تنفيرهم , ام اراد ان يعلمهم كيف يشاهدوا المسلسلات ؟ ؟
تساؤلاتٍ لم تمكث كثيرا لتندثر في خضم الأفكار المتواردة للذهن إثر مطالعتي ومروري السريع للصفحات , وتستوقفني نور مرة أخرى عند حدث "فني عظيم" يُخبرنا فيه الصحفي أن نجاح مسلسل نور يكاد يُضاهي مسلسل باب الحارة في شعبيته , فتجده أسهب في الكلام عن المسلسل وأسباب نجاحه وما إلى ذلك من كلام ضيق الأفق , وفي تلك المقالة لم استغرب ولم تنتابني دهشة , إذ أننا نكاد نرى نور في أحلامنا لفرط ما يُذكر إسمها على مسامعنا , فالطفل في روضته تجده يتحدث عنها , وكذلك البائع في السوق , ومعلمين في المدارس حتى السلع التي لا تنطق باتت تنطق بصورة نور وموسيقى نور ورنة نور .
بهذا لا ننكر نجاح هذا المسلسل ولكننا لا بد ونستنكر لمثل هذا المسلسل إذ نجد يزرع في عقول الصغار والناشئة من المعاني ما يهدم القيم والأخلاق .
ذات مرة , انتقدت احدهم لمشاهدته لمسلسل سنوات الضياع وهو شاب في ريعان شبابه , فانتقدني بقوله إنني ضيق الأفق فمسلسل سنوات الضياع يعالج قضية اجتماعية اقتصادية .. حتى بدى لي المسلسل وكأنه كتاب تنال منه حكمة وصواب , ولكنني ما ان شاهدته حتى علم ذلك الفساد المدسوس بين الأفكار والأحداث . وحقيقة ان هذا الزميل كغيره من المحجوب عن بصائرهم , جعلتهم عاطفتهم يظنون بالمسلسل خيراً حتى خصصوا له مساحة من خاطرهم . .
لست أرى في هذا الخصوص من حلول سوى النهوض بالإعلام الحر الذي يؤسس على أسس متينة من الأخلاق والقيم والشرائع التي تم التعارف عليها بين الأديان السماوية , فينهض المخرج والممثل والمنتج بمسلسلات تخدم الأخلاق , وأفلام تنمي القيم والأهداف , وبرامج تبث الوعي في صفوف المجتمعات .
إنني اليوم أجد معضلة في كبح أخي الصغير الذي حدثه زملائه عن مسلسل نور وجاء ليشاهده عِلما بأنني كنت في فترة امنعه من مشاهدة باب الحارة , لكثرة المرات التي شاهدها فيها وكثرة الحلقات التي أعادها حتى باتت جزأ من حياته . فأجد نفسي اليوم أفضل أن يشاهد باب الحارة ألف مرة ولا يشاهد نور مرة واحدة.
أخيرا , الكلام في هذا يطول لهول الفتنة التي دخلت كل بيت وكل مكان , فنقول خاتمين بأن الإعلام جزأ لا يتجزأ من حياتنا نحن أبناء القرن الحادي والعشرين , فبفساد الإعلام تفسد الشعوب والأمم وبصلاحه تصلح البشرية بإذن الله , ولمثل هذا فإنني أناشد الإعلاميين الأحرار الذين أرضعتهم اماهتم مكارم الأخلاق منذ نعومة أظافرهم أن ينهضوا من أجل نصرة البشرية من مكائد الإعلام الموجه .
منقوووول